فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
·
الوارد من دول أجنبية غير إسلامية إذا كان الذين يباشرون ذبحه من أهل
الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنه يجوز أكله ولا ينبغي السؤال عن كيفية ذبحه
وهل سموا عليه أم لا، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الشاة
التي أهدتها إليه اليهودية في خيبر ، وأكل من الطعام الذي دعاه إليه يهودي
وكان فيه أهالة سنخة وهي الشحم المتغير ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم
كيف ذبحوه وهل ذكر اسم الله عليه أم لا . · وفي صحيح البخاري : ( أن قوما
قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن قوما يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم
الله عليه أم لا ، فقال : « سموا عليه أنتم وكلوه » ، قالت عائشة -راوية
الحديث- : وكانوا حديثي عهد بالكفر ) . · ففي هذه الأحاديث دليل على أنه لا
ينبغي السؤال عن كيفية الواقع إذا كان المباشر له معتبر التصرف ، وهذا من
حكمة الشرع وتيسيره ؛ إذ لو طلب من الناس أن ينقبوا عن الشروط فيما يتلقونه
من صحيح التصرف لكان في ذلك من المشقة والحرج النفسي مما يجعل الشريعة
شريعة حرج ومشقة . · أما إذا كان المذبوح قد أتى من دولة أجنبية والذين
يباشرون ذبحه ممن لا تحل ذبيحتهم كالمجوس وعبدة الأوثان وممن لا يدينون
بدين فإنه لا يحل أكله ، لأن الله تعالى لم يبح من أطعمة غير المسلمين إلا
طعام الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى ، وإذا شككنا في أن الذابح
ممن تحل ذبيحته أم ممن لا تحل ذبيحته فإنه لا بأس به . · وقد قال الفقهاء
رحمهم الله : إذا وجدت ذبيحة منبوذة في مكان يحل الذبح من أكثر أهله فهي
حلال ، إلا أنه في هذه الحالة يجب أن يتجنب ما لا شك فيه ، ومثل هذا لو أتى
لحم من تحل ذبائحهم ، وكان بعضهم يذبح على طريقة شرعيه ينهر فيها الدم بحد
ليس بسن ولا ظفر ، وبعضهم يذبح على الطريقة غير الشرعية ، والأكثر الطريقة
الأولى الشرعية ، فإنه لا بأس بأكل ما أتي منه عملا بالأكثر ، ولكن الأولى
أن يتجنبه تورعا .