قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ
كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)) سورة النساء
- قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ::
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا
وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا
تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (
) سورة العنكبوت
- وفي المدينة حيث
تأسس المجتمع الإسلامي الأول وعاش في كنفه اليهود بعهد مع المسلمين وكان
صلى الله عليه وسلم غاية في الحلم معهم والسماحة في معاملتهم حتى نقضوا
العهد وخانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما من يعيشون بين المسلمين
يحترمون قيمهم ومجتمعهم فلهم الضمان النبوي ، فقد ضمن صلى الله عليه وسلم
لمن عاش بين ظهراني المسلمين بعهد وبقي على عهده أن يحظى بمحاجة النبي صلى
الله عليه وسلم لمن ظلمه ف قال الرسول صلى الله عليه وسلم :« ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة »
- . وشدد الوعيد على من هتك حرمة دمائهم ف قال الرسول صلى الله عليه وسلم :« من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما » ،
تلك صور من سماحة النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين وهو ما سار
عليه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون من بعدهم وهو ما سأعرض له في المطلب
التالي .
- ولم يعرف في تاريخ المسلمين الطويل أنهم ضيقوا على اليهود والنصارى
أو غيرهم أو أنهم أجبروا أحدا من أي طائفة من الطوائف اليهودية أو
النصرانية على اعتناق الإسلام
- . يقول توماس آرنولد : "لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام غير
المسلمين على قبول الإسلام أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين
المسيحي " .
من سنة الخلفاء و أبي بكر إقتداء بالرسول
- لقد كان
عهد الخلفاء الراشدين امتدادا لعهد النبي صلى الله عليه وسلم وشهد صورا من
سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين من إعانتهم بالمال أو النفس عند
الحاجة ، ومن كفالة العاجز منهم عن العمل أو كبير السن ، وغير ذلك . وهذا
هو ما سار عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في صدر الإسلام في معاملتهم
لأهل الذمة ، وأسوق هنا بعض الشواهد والأمثلة التي تبين سماحة الصحابة رضي
الله عنهم في معاملة غير المسلمين .
- وكان أبو بكر رضى الله عنه يوصي الجيوش الإسلامية بقوله :" وستمرون على قوم في الصوامع رهبانا يزعمون أنهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم "
من سنة عمر بن الخطاب إقتداء بالرسول
- فمن صور السماحة في المعاملة ما روي عن عمر رضي الله
عنه أنه لما قدم الجابية من أرض الشام استعار ثوبا من نصراني فلبسه حتى
خاطوا قميصه وغسلوه وتوضأ من جرة نصرانية . وصنع له أهل الكتاب طعاما فدعوه
فقال أين هو قالوا: في الكنيسة فقال لعلي رضى الله عنه : اذهب بالناس فذهب
علي رضى الله عنه بالمسلمين فدخلوا فأكلوا وجعل علي رضى الله عنه ينظر إلى
الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل .
من سنة سلمان و أبو الدرداء إقتداء بالرسول
- وصلى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما
في بيت نصرانية فقال لها أبو الدرداء رضى الله عنه: هل في بيتك مكان طاهر
فنصلي فيه ؟ فقالت طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما فقال له سلمان رضى
الله عنه : خذها من غير فقيه .
- إن الدعاء لغير المسلمين وفق ضوابط الشرع من أعظم صور التسامح في
الإسلام ومن محاسنه الكبرى التي تنظر إلى الإنسان نظرة تكريم وعناية ، وفي
الدعاء استمالة ظاهرة لقلب المدعو فكل أحد يتمنى من الناس الدعاء له بالخير
، ومن هنا قال ابن عباس رضى الله عنه لو قال لي فرعون : بارك الله فيك قلت
: وفيك ، وفرعون قد مات.
من سنة مجاهد إقتداء بالرسول
- وعن مجاهد قال كنت عند عبد الله بن عمرو رضى الله عنه وغلامه يسلخ شاة فقال: « يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي فقال رجل من القوم : اليهودي أصلحك الله ؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى خشينا أو روينا أنه سيورثه » .
- قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)) سورة
النساء
من سنة عمر بن عبد العزيز إقتداء بالرسول
- وفي خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله
كتب إلى عدي بن أرطأة : وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت
قوته وولت عنه المكاسب فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه.
من سنة القاضي أبي يوسف إقتداء بالرسول
- وفي عهد الرشيد كانت وصية القاضي أبي يوسف له بأن يرفق بأهل الذمة
حيث يخاطبه بقوله : "ينبغي يا أمير المؤمنين أيدك الله أن تتقدم في الرفق
بأهل ذمة نبيك وابن عمك محمد صلى الله عليه وسلم والتفقد لهم حتى لا يظلموا
ولا يؤذوا ولا يكلفوا فوق طاقتهم ولا يؤخذ من أموالهم إلا بحق يجب عليهم"
قال الأستاذ:كما ترى يا بني إن الله أوصانا بحسن معاملة الذمي و أهل الكتاب
قال التلميذ: يا أستاذ لكني أرى بعض المسلمين يعاملون أهل الكتاب و الذميين بجفاء
قال الأستاذ: يا بني من وافق القرآن و سنة الرسول و سنة الخلفاء فذلك الصحيح
أما من خالف ذلك فله أن يفهمه المسلمون الصحيح من الدين
حتى يصحح تعامله و يتوب إلى الله على مخالفة سنة الرسول.
أما يا بني إن تعامل المسلمون بالإسلام بحقه لأحبهم كل من عاملهم
فلكم أسلم ذمي من معاملة تاجر أو عامل مسلم يتعامل بخلق الإسلام
- قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) )
- ما كتب يحتمل الخطأ و السهو و النسيان * كل الكلام عليه يرد إلا كلامه ووحيه الرحمن.
- ما كان فيه من خير فمن الله * و ما كان من ذلل أو سوء فمني و من ذلك الشيطان.
- كل الخلائق تبلى و تزول * و لا يبقي إلا الإله الخالق ذو الجلال و الإكرام.
- عن كل خط و خطوة و سعي و ممشى يسأل المرء * فإلا عند الله يكرم أو يهان.
- عمر قصير و عمل يسير فهيا لنعمل لننهض * من أجل الدنيا لرضا الله ذي الجلال و الإكرام..