أم صالح حفظت القرآن في الثمانين من عمرها وتتفرغ لحفظ الأحاديث !!!
محررة
صفحة الأسرة بمجلة الدعوة دائماً تقدم للقراء النماذج المشرقة و الأخبار
التي تثلج الصدور.. وهذة التجربة فيها العبر والدروس المفيدة , لذا ,
نوردها كما هي:
(أم صالح ) عمرها 82 عاماً .. بدأت في حفظ القراًن في السبعين من عمرها ..
مشوارها
مع الحفظ فيه الكثير من المعاني الجميلة , كعلو الهمة والمصابرة والتضحية
والصبر … التقينا بالخالة ( أم صالح ) لنتعرف على الطريقة التي حفظت بها ..
فإلى ثنايا اللقاء :
مالسبب الذي جعلك تقبلين على حفظ القراًن بعد هذا العمر ؟
كانت
أمنيتي أن أحفظ القراًن الكريم من صغري , وكان أبي يدعو لي دائماً أن أكون
من الحفظة مثله ومثل اخواني الكبار , فحفظت بعض السور – تقارب ثلاثة أجزاء
– وحينما أتممت الثالثة عشرة تزوجت وانشغلت بعدها بالبيت والأولاد, حينما
أصبح لدي سبعة أولاد توفي زوجي , وكانوا كلهم صغاراً فتفرغت لتربيتهم
وتعليمهم , وحينما كبروا وتزوجوا تفرغت لنفسي , وأول ما سعيت له وبذلت من
أجله النفيس حفظ كتاب الله – عزوجل -.
وكيف كان مشوارك مع الحفظ ؟
ابنتي
الصغرى كانت تدرس بالثانوية , وهي من أقرب بناتي وأحبهن إلي ؛ لأن أخواتها
الكبيرات تزوجن وانشغلن بحياتهن , وأما هي فقد بقيت عندي وكانت هادئة
مستقيمة محبة للخير , كما أنها تتمنى أن تحفظ القراًن – وخصوصاً ان
المعلمات يشجعنها على هذا – وكانت هي بدورها تبث في الحماس , وتضرب لي
المثل بنسوة كثيرات دفعتهن همتهن العالية للحفظ , ومن هنا بدأت أنا وأياها .
كل يوم عشر آيات :
وكيف كانت طريقتكما في الحفظ ؟
حددنا كل يوم
عشر اًيات , فكنا كل يوم بعد العصر نجلس سوياً فتقرأ هي وأردد وراءها ثلاث
مرات , ثم تشرح لي معانيها , وبعدها تردد لي ثلاث مرات , وفي صباح الغد
تعيدها لي قبل أن تذهب إلى المدرسة , وبالإضافة لهذا فقد قامت بتسجيل
الآيات المقررة بصوت الشيخ الحصري , بحيث تتكرر ثلاث مرات , فكنت أسمعها
أغلب الوقت , فإن حان وقت التسميع في اليوم التالي نتجاوز الآيات – وقد
حددنا يوم الجمعة لمراجعة المقرر الأسبوعي , وكذا استمررنا في الحفظ أنا
وإياها – حفظها الله ورعاها .
ومتى أتممت الحفظ ؟
خلال أربع سنوات
ونصف حفظت اثني عشر جزءاً بالطريقة السابقة , ثم تزوجت ابنتي , ولما علم
زوجها بشأننا استأجر بيتاً قريباً من منزلي ليتيح لنا فرصة إكمال الحفظ ,
وكان – جزاه الله خيراً – يشجعنا ويجلس معنا أحياناًً يسمّع لنا ويفسر
ويعلّم ثم بعد ثلاثة أعوام انشغلت ابنتي بالأولاد والبيت , ولم يعد موعدنا
ثابتاً , وكأنها استشفّت لهفتي على الحفظ فبحثت لي عن مدرسة طبية لتكمل معي
المشوار بأشراف ابنتي نفسها , فأتممت الحفظ بتوفيق من الله -عز وجل –
ومازالت ابنتي تبذل جهدها للحاق بي ولم يبق لها سوى القليل – إن شاء الله
-.
النســــاء حولي :
همتك العالية وتحقيقك لإمنيتك الغالية هل كان لها تأثير على من حولك من النساء ؟
التأثير
حقيقة كان واضحاً وقوياً , فبناتي وزوجات أبنائي تحمسن كثيراً , وكن
دائماً يضربن بي المثل , وقد كوّنّ حلقة مدتها ساعة في اجتماعهن الأسبوعي
عندي فكن يحفظن بعض السور ويسمعّن , وأحياناً ينقطعن ولكن يرجعن , وعموماً
كانت النية جيدة . حفيداتي شجعتهن على التسجيل بدُور التحفيظ وأقدم لهن
دائماً هدايا متنوعة , وأما جاراتي فكان بعضهن في البداية يحطمنني ويحبطن
من عزيمتي ويذكرنني بأن الحفظ صعب لأن ذاكرتي ضعفت , ولكن لما رأين قوة
عزيمتي وتصميمي أخذن يشجعنني , ومنهن من تحمست فيما بعد وانخرطت في الحفظ ,
وحينما علمن أنني أنهيت الحفظ فرحن كثيراً حتى إنني رأيت دموع الفرح تسقط
من أعينهن
ألا تشعرين الآن بصعوبة في مراجعة الحفظ ؟
أستمع دائماً
لإذاعة القراَن الكريم , وأحاول أن أقرأ مع القارئ , كما أنني في الصلاة
أقرأ دائماً سوراً طويلة , وأحياناً أطلب من إحدى البنات التسميع .
هل هناك أحد من أبنائك يحفظ مثلك ؟
لا يوجد من يحفظ القراَن كاملاًَ , ولكنهم – إن شاء الله – ما داموا يسيرون على الدرب فسيصلون بحفظ الله ورعايته
بعد انتهائك من حفظ القراَن الكريم ألا تفكرين في حفظ الأحاديث ؟
أحفظ
الآن – تقريباَ – تسعين حديثاَ , وسأواصل المسير – إن شاء الله -, وأعتمد
في الحفظ فيها على الأشرطة وإذاعة القراَن , وفي نهاية كل أسبوع ابنتي تسمع
لي ثلاثة أحاديث وأحاول الآن أن أحفظ أكثر .
غــــــابت الهموم :
على مدى الاثنى عشر عاماً التي انشغلت فيها بحفظ القراَن , هل تغيرت أشياء في حياتك ؟
نعم
لقد حدث لي تغير جذري وإن كنت – ولله الحمد – حريصة على طاعة ربي قبل أن
أبدأ بالحفظ , إلا أنني بعد أن انشغلت فيه شعرت بارتياح نفسي كبير , وغابت
عني الهموم , ولم أعد بتلك الدرجة من الحساسية المفرطة في الخوف على
الأبناء والتفكير بأمورهم . وقد أرتفعت معنوياتي , وأصبحت لي غاية سامية
أتعب من أجلها وأشقى لتحقيقها . وهذة النعمة عظيمة من الخالق عز وجل
فالمرأة إذا كبرت ولم يعد عندها زوج وتزوج الأبناء , يقتلها الفراغ
والهواجس والأفكار , ولكني – ولله الحمد – لم أشعر بهذا , وقد انشغلت بأمر
عظيم له فوائد في الدنيا والأخرة . ألم تفكري في التسجيل في إحدى دور تحفيظ
القراَن الكريم ؟ اقترحت عليّ بعض النساء , ولكنني امرأة تعودت على الجلوس
في البيت ولا أتحمل الخروج كل يوم , والحمد لله فإن ابنتي كفتني العناء ,
وسعادتي لامثيل لها وأنا أدرس معها . إبنتي .......بيتي :
هل تدريس ابنتك لك جعل لها شأنا خاصاً في نفسك ؟
لقد
ضربت ابنتي مثلا رائعاَ في البر والإحسان اللذين قلما نجدهما هذه الأيام ,
خاصة أنها بدأت معي المشوار وهي في سن المراهقة , هذا العمر الحرج الذي
يشتكي منه الكثيرون , فكانت تضغط على نفسها لتتفرغ لتدريسي , وكانت تعلمني
بتأن وحكمة وصبر , كما أن زوجها – حفظه الله – كان عونا ً لها وقد بذل
الكثير أسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يوفقهما ويقر أعينهما بصلاح
أبنائهما .
ماذا تقولين لمرأة في مثل عمرك تود أن تحفظ ولكن يسيطر عليها هاجس الخوف من عدم القدرة على ذلك ؟
أقول
: لايأس مع العزيمة الصادقة . قوّ إرادتك واعزمي وادعي الله في كل وقت
وابدئي , لقد مضى العمر في أداء المسؤوليات المنزلية والتربوية والزوجية
واَن الأوان لأن تتفرغي لنفسك , وليس هذا بكثرة الخروج من البيت والنوم
والرفاهية والراحة , إنما بالعمل الصالح , نسأل الله – سبحانه وتعالى – حسن
الختام .
وماذا تقولين لمن هي في سن الشباب ؟
احفظي الله يحفظك ,
استغلي نعمة الله عليك بالصحة والعافية وسبل الراحة في حفظ كتاب الله – عز
وجل - . هذا النور الذي يضيء لك قلبك وحياتك وقبرك بعد مماتك , وإن كانت لك
أم فاجتهدي في تعليمها , والله ما رزقت الأم بنعمة أحب إليها من ولد صالح
يعينها على التقرب إلى الله – عز وجل