جناح الأحداث
بقلم الأستاذ الدكتور/عبدالله السيد عسكر
ما هو الجناح ؟
يوصف الجناح لدى الأحداث أو الأطفال تحت سن التكليف القانوني (18 سنة ) الذين يخرجون على القانون والقواعد والتقاليد بمسالك عدوانية وتخريبية ، وعدم مراعاة حقوق الآخرين إلا أن اضطراب المسلك غالباً ما يشخص قبل سن 18 أما بعدها فيكون في إطار السلوك المضاد للمجتمع . ويقع هذا الاضطراب في أربع مجموعات أساسية هي: 1-السلوك العدواني الذي يسبب أذى أو تهديد للآخرين وللحيوانات . 2-والسلوك غير العدواني الذي يسبب فقدان أو خسارة، 3-وسلوك الاحتيال والخديعة أو السرقة 4- والخروج المتعمد على القوانين والقواعد المرعية.
وينبغي أن تكون ثلاثة من هذه المظاهر دائمة الحدوث قبل سنة من التشخيص مع ظهور سلوك واحد على الأقل قبل ستة أشهر، مع التأكيد على ضرورة أن تكون سبباً في إحداث خلل في العلاقات الاجتماعية والمجال التعليمي والعمل .
يوصف الجناح لدى الأحداث أو الأطفال تحت سن التكليف القانوني (18 سنة ) الذين يخرجون على القانون والقواعد والتقاليد بمسالك عدوانية وتخريبية ، وعدم مراعاة حقوق الآخرين
مـدى الانتشـار :
يحدث هذا الاضطراب أثناء الطفولة والمراهقة بنسبة تقديرية 6-16% لدى الذكور ، 2-9% لدى الإناث تحت 18 سنة . وينتشر أكثر لدى الذكور ولدى أبناء مضطربي الشخصية المضادة للمجتمع والمدمنين بالمستوى الاقتصادي الاجتماعي .
أسباب الاضطراب :
لا يوجد عامل واحد يسبب اضطراب المسلك ولكن تسهم العديد من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية في ظهور وتطور هذا الاضطراب .
العوامل الوالديــة :
إن القسوة والعقوبة المصحوبة بعدوان لفظي وبدني شديد من جانب الأبوين تؤدي إلى حدوث وتطور السلوك العدائي غير التكيفي لدى الأطفال ، وتشوش الحياة الأسرية في المنزل غالباً ما يصاحبها سلوك مضطرب وجناح لدى الأطفال ، ويشكل الطلاق عامل خطورة في حدوث جناح الأطفال واستمرار الشجار والنزاع بين الأبوين المطلقين يؤدي إلى تزايد احتمال حدوث الجناح والسلوك غير التكيفي ، فضلاً عن وجود مشاكل من قبيل الأمراض النفسية لدى الأبوين والإساءة للطفل والحرمان والسيكوباتية والإدمان ، وخاصة إدمان الكوكايين الذي يؤدي إلى نقل عدوى الإيدز ( مرض نقص المناعة المكتسب) حيث يؤدي إلى إهمال الأبناء والإساءة إليهم وتهيئة المناخ لظهور السلوك التخريبي والجناح .
وتشير الدلالات الإكلينيكية إلى أن مثل هؤلاء الأطفال يسلكون لاشعورياً ما يرغبه الآباء من سلوك منحرف وجانح ، فعلة الجناح تأتي من أبوين غير مسئولين، يكسبون أبناؤهم مسالك منحرفة وشاذة ، فضلاً عن قصور في الرعاية التي تجعل لغة الطفل وسلوكه بذيئاً بمعنى تكون شخصية الطفل باحثة عن اللذة مرهونة بالنرجسية ولا تضع الآخر في الحسبان فهي تسعى فقط لإشباع حاجاتها المتدنية بصرف النظر عن القيم والقوانين والعادات والأعراف الاجتماعية . وهذا يكون نتيجة لقصور حاد في البنية الأخلاقية التي تنظم السلوك .
العوامل الاجتماعية الثقافية :
يشكل الحرمان الاقتصادي الاجتماعي عامل خطورة لإحداث هذا الاضطراب ، فبطالة الآباء وفقدان شبكة الدعم الاجتماعي وعدم وجود أدوات اجتماعية إيجابية تسهم إلى حد كبير في ظهور جنوح الأطفال وانخراطهم في المسالك التخريبية وتعاطي المخدرات في سن مبكرة .كما أن انتشار ألعاب الفيديو والإنترنت تشكل عامل خطورة في إطار التعلم بالنموذج حيث تبث مؤسسات وجماعات منحرفة كل النماذج التي تدمر البنية الأساسية للأخلاق البشرية والسلوك القويم .
يشكل الحرمان الاقتصادي الاجتماعي عامل خطورة لإحداث هذا الاضطراب
العوامل النفسية :
تؤدي الإساءة للطفل وإهماله وتعنيفه وحرمانه من جانب الأبوين إلى ظهور نوبات الغضب والتخريب والإلحاح والفشل في تطور القدرة على تحمل الإحباط التي تتطلبها العلاقات الناضجة ، ونظراً لكون النموذج الأبوي مضطرباً ودائم التغير فإن ذلك يؤثر في تكوين الصورة المثالية للأب ويفتقد في هذه الحالة إلى ما يسمى بالمثال مما يضعف لديه القدرة على التنظيم الداخلي والضمير الأخلاقي حيث لا يتلقون الرعاية التربوية الكافية لاستدخال القواعد الاجتماعية مما يجعلهم لا يراعونها ولا يهتمون بالحياة الاجتماعية ووضع الآخرين في الاعتبار بقدر ما يهتمون بحاجاتهم الخاصة في عالم من الفوضى .
ولكي نحكم على الشخص بالجنوح ينبغي أن نراعى تكرار ما يلي:
أ ) العـدوان على الناس والحيوانات :
1- دائم التحرش والتهديد للآخرين .
2- يبادر بالشجار البدني .
3- يستخدم آلات حادة يمكنها أن تسبب إصابات بدنية حادة . مثل السكاكين ، والمسدسات ، وقطع الزجاج وما إلى ذلك .
4- يتصف بالوحشية أو القسوة البدنية المتهجمة على الآخرين .
5- يتصف بالوحشة أو القسوة البدنية المتهجمة على الحيوانات .
6- غالباً ما يسطو على الضحايا بسرقة أدواتهم وأكياس نقودهم وما إلى ذلك .
7- يغوي الآخرين للدخول في أنشطة جنسية .
ب ) تخريب الممتلكات :
1- يميل إلى إشعال الحرائق لحدوث خسارة فادحة .
2- يميل إلى تدمير وتخريب ممتلكات الآخرين .
ج ) الخـداع أو السرقة :
1- ارتكاب بعض السرقات المنزلية أو المباني العامة أو السيارات .
يحدث هذا الاضطراب أثناء الطفولة والمراهقة بنسبة تقديرية 6-16% لدى الذكور ، 2-9% لدى الإناث تحت 18 سنة
2- دائم الكذب والتضليل للخروج من المأزق .
3- السرقة المتعمدة والاختلاس واتهام الآخرين مثل السرقة من المحلات العامة بدون كسر أو تخريب .
د ) الانتهاك المتعمد للقواعــد :
1- البقاء لفترة طويلة خارج المنزل ليلاً قبل سن 13 .
2- الهروب من المنزل .
3- الهروب من المدرسة .
ب- يسبب الاضطراب خلل واضح في العلاقات الاجتماعية والحقل الدراسي .
جـ- لا تشخص هذه الحالات بعد سن الثالثة عشرة .
العــلاج :
يجد العاملون في ميدان الصحة النفسية صعوبة في إيجاد برامج علاجية ناجحة لهذا الاضطراب ، حيث تتضاءل النتائج الواردة من العلاج النفسي ، ولذا تميل المؤسسات التأهيلية ومؤسسات رعاية الأحداث إلى اعتماد برامج متكاملة يشارك فيها الأطباء والأخصائيون النفسيون والاجتماعيون والمتخصصون في العلاج الأسري والآباء والمربون ، وقوى المجتمع في وضع استراتيجيات علاجية تساعد في تخفيف هذه الاضطرابات .
وتحتاج هذه الفئات إلى تدخل رسمي من أجهزة الدولة المعنية لإعادة البنية الاجتماعية لأسر هؤلاء . وخاصة المناطق العشوائية وفتح المدارس والمؤسسات الرقابية وتنظيم هذه المجتمعات للحد من ظاهرة الجناح ، والسلوك المضاد للمجتمع ، فشعور هذه الفئة بالرعاية والاهتمام من جانب المجتمع يجعلهم أقل عدواناً . وأكثر تقبلاً للقيم والمعايير الاجتماعية وإدخالهم في منظومة العمل الاجتماعي كمواطنين فاعلين وليسوا على الهامش أو خارج الحساب .
ويمكن استخدام العلاج النفسي الفردي الموجه لتحسين مهارات القدرة على حل المشكلات ويكون من المفيد العمل مع الحالات المبكرة قبل أن يصبح الاضطراب مزمناً .
ولكون اضطراب المسلك أو الجناح قد يصاحبه تشتت في الانتباه وفرط النشاط واضطرابات التعلم واضطراب المزاج والاضطرابات الناتجة عن تعاطي المواد ذات التأثير النفسي ( المخدرات والمسكرات ) فإنه من الضروري الأخذ في الاعتبار شمول البرنامج العلاجي وتنوعه ليغطي هذه القطاعات من الاضطرابات .
اضطراب التحدي والمعارضة الجريئة Oppositional Defiant disorder
وهو الاضطراب الذي يبدو فيه الطفل أكثر معارضة وتحدي ورفض وعدائية تجاه أشكال السلطة تستمر لمدة ستة أشهر ، وتتجاوز هذه المظاهر الإطار الطبيعي لسلوك طفل مماثل له في العمر ومن نفس السياق الاجتماعي الثقافي الاقتصادي .
ويشيع هذا الاضطراب لدى أطفال ما قبل المدرسة ، وفي بداية المراهقة ، وتتشابه الأعراض لدى الذكور والإناث ، بينما قد تتزايد حدة المعارضة والتحدي لدى الذكور ، وغالباً ما تظهر أعراض هذا الاضطراب تجاه الأبوين والأوامر الأسرية في المنزل ، ولكنها قد تنتقل إلى مواقف أخرى خارج المنزل . وتشير معدلات شيوعه إلى 2% إلى 16% .
معايير التشخيص
أ- نمط من السلوك الرافض والعدائي والمتحدي أو المعارض بجرأة تجاه السلطة والأوامر بصورة تستمر ستة أشهر على الأقل من خلال مواصلة أربعة أو أكثر من المظاهر التالية :
1- غالباً ما يفقد أعصابه ويفلت مزاجه .
2- غالباً ما يعارض الكبار .
3- غالباً ما يرفض أوامر وقواعد الكبار .
4- غالباً ما يتعمد مضايقة الآخرين واستفزازهم .
5- يلوم الآخرين غالباً على ما يقوم به من أخطاء .
6- يمكن استثارته وغيظه بسهولة من جانب الآخرين .
7- غالباً ما يغضب ويمتعض .
8- دائم السخط والتبرير .
ب- ينبغي أن تسبب هذه المظاهر اختلالات في العلاقات الاجتماعية والحقل المدرسي والعمل .
جـ- ألا تعود مظاهر الاضطراب لطور من الذهان أو اضطرابات المزاج .
والسمة المميزة لهذا الاضطراب هو غياب السلوك الخارج على القانون وحقوق الآخرين ، الذي يحدث في حالات السرقة والقسوة والاضطهاد والاعتداء والتهديد التي تميز اضطراب السلوك أو الجناح .
العـلاج :
يشكل العلاج النفسي الفردي للطفل أولى أشكال العلاج المناسب لاضطراب المعارضة والتحدي مع إرشاد الأبوين وتدريبهم المباشر على مهارات إدارة السلوك الطفلي وتوجيهه . وتشير أساليب العلاج السلوكي إلى أهمية تعليم الأبوين كيف يعدلون سلوكهم لعدم تشجيع الطفل على معارضتهم وتحديهم من خلال تدعيم السلوك الطبيعي وإضفاء سلوك المعارضة والتحدي .
وقد تأتي البرامج العلاجية بنتائج طيبة في تعديل سلوك الأبناء بينما يظل الآباء على أسلوبهم الخاطئ والصراع مع الابن بالعقوبة والنهر والرفض ، وما إلى ذلك مما يجعل الطفل أكثر تحدياً ، ولذا ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار العلاج التكاملي لكلا الطرفين : الأسرة والطفل .
م\ن