الرجل الرجل الصفر ذلك الرجل الذي يتصفُ بالسلبية ودنو الهمة، ذلك الداء الخطير الذي أصاب الكثير من المسلمين وخاصة الشباب والفتيات، و كما أن هناك رجلا صفر، أيضا هناك امرأة صفر.
إنك إن بحثت عن شبابنا كأمة إسلامية وجدتهم وللأسف على الأرصفة وفي الاستراحات وفي الصيد والرحلات وعلى المدرجات الرياضية وخلف الشاشات، أقول حتى الصالحين أيضا أو بعض الصالحين هم كذلك وللأسف، ابتلوا بمثل هذه الأمور، فبدل أن يكونوا مشاعل هداية ودلال خير فإذا بالتيار يجرفهم ويزعزع التزامهم وصلاحهم:
وإذا بحثت عن فتياتنا ومهج قلوبنا فإذا بهن في الأسواق خلف الخرق والأقمشة، أو خلف سماعات الهاتف يمزقن الفضيلة، أو مع مجلات وروايات تنشر الرذيلة، أو أمام الشاشات والأفلام حتى أصبحن بلا هوية وبلا هدف وبلا مبدأ ولا عزيمة ولا همة، شهوات في شهوات، ولذات في لذات وآهات وزفرات وحسرات -إلا ما شاء الله من النخبة القليلة-.
ومن أهم صفات ذلك الرجل الصفر أو المرأة الصفر ما يلي :
- الخمول والكسل:
الرجل الصفر أو المرأة الصفر لا يكلف نفسه القيام بشيء، حتى في مصالحه الشخصية بل ربما في ضروريات حياته كالدراسة أو الوظيفة أو حتى بيته وطلباته، فماذا نقول إذا مع حاله مع العبادات والطاعات
- الرضاء بالدون مع القدرة على ما هو أحسن:
مظهر ثاني من مظاهر الرجل الصفر، قال ابن الجوزي في صيد الخاطر ( من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنئ)
ولم أرى في عيوب الناس عيبا ……. كنقص القادرين على التمام.
أنا على ثقة أن في شبابنا وفتياتنا ورجالنا ونسائنا خيرا كثير، وأن في وسعهم وطاقاتهم الكثير
ولكن السلبية تلك الداء العضال تقف حاجزا دون تجسيد هذه الطموحات
- التقيد بروتين الحياة وعدم التطلع للجديد:
من مظاهر الرجل الصفر التقيد بروتين الحياة وعدم التطلع للجديد، اعتاد بعض المسلمين على نمط معين من الحياة درج عليه فتثقل عليه المشاركة، ويصعب عليه العمل ، رضي بالدون ورضي برتابة الحياة حتى ملها هو بنفسه، وأصبح يعيش في هامش الحياة لا معنى له. لماذا؟ لأنه لا هم له إلا في شهواته وملذاته فضاقت عليه نفسه، وضاق به أهله، وضاق به وطنه ومن بعده أمته
- الاستجابة للنفس الأمارة:
لقد مات الشعور بالذنب، ومات الشعور بالتقصير، لذلك ظن الكثير من المسلمين
أنه على خير، بل ربما لم يرد على خاطره أنه مقصر، فبمجرد قيامه بأصول الدين وبمجرد محافظته على الصلوات، بل ربما والتزامه في الظاهر ظن في نفسه خيرا عظيما، رأى نفسه فظن فيها خيرا كثيرا، ولكن ما كيفية هذا القي، وما حقيقة هذا الالتزام؟ وهل قبل الله منه أم لا؟ بل لماذا نسي مئات بل آلاف من الصغائر التي تجمعت عليه من الذنوب والمعاصي؟
- كثرة الجلسات والدوريات:
ومن المظاهر أيضا كثرة الجلسات والدوريات وضياع الأوقات وهذا من اخطر المظاهر التي ظهرت وانتشرت أخيرا، فإنك تبحث عن شبابنا ورجالنا وربما عن فتياتنا ونسائنا فتجدهم مساء كل يوم ربما في الاستراحات والدوريات وعلى الأرصفة وعلى الشاطئ، وليس الخطر في الاجتماعات ذاتها، بل في كثرة الكلام دون عمل يفيد الأمة، وينفع الأجيال، وكثرة الجدال والمراء، هذا إن سلمت الجلسات من الغيبة والنميمة والجرح والثلب وتنقص الآخرين، وسلمت الجلسات من وسائل اللهو المحرم، وإلا فعندها فإن الطامة أعظم.
- التهرب من كل عمل جدي:
مظهر سادس من مظاهر السلبية القاتلة في صورها المتعددة التهرب من كل عمل جدي، وعدم الاستعداد للالتزام بأي شيء، خداع النفس بالانشغال وهو فارغ
كم من الناس إذا كلف بأمر قال أنا مشغول، وحقيقة أمره أنه غير مشغول، أو أنه مشغول بمثل تلك الجلسات ومثل تلك اللقاءات. أو الانشغال في شهوات النفس
وملذاتها، أو التسويف والتأجيل وتأخير الأعمال والغفلة والنسيان المستمر لما كلف به
- تعطيل العقل:
مظهر سابع من مظاهر السلبية تعطيل العقل وعدم التفكير، إن فكر كثير من المسلمين والمسلمات واستخدم عقله فإذا هو يفكر فيما يحبه ويشتهيه كالرحلات والصيد والجلسات والملذات، وكأنها الهدف الذي خُلق له فهبطت اهتماماته وسفلت غاياته، فلا قضايا المسلمين تشغله، ولا مصائبهم تحزنه، ولا شؤونهم تعنيه، وإن حدث شيء من ذلك فعاطفة سرعان ما تبرد ثم تزول.
كم من المرات نضع بأنفسنا العقبات والعراقيل أمام كثير من مشاريعنا؟ نحن بأنفسنا نصنع العقبات ونصنع العراقيل، ونتعذر بعدم الاستطاعة وعد القدرة تلك الورقة التي نلوح بها دائما
- التثبيط والتيئيس للآخرين:
الرجل الصفر لا يكتفي كما أسلفت بعدم المشاركة، بل أصبح قاطع طريق وعونا للشيطان وحزبه
فليس لديه الشجاعة للاعتراف بالخطأ والتقصير، وليس لديه الاستعداد للعمل والمشاركة، ولكنه على أتم الاستعداد للنقد والتجريح، والثلب والتقبيح.
- الضعف والفتور:
من مظاهر الرجل الصفر في مثل هذه الواقع الضعف والفتور أثناء أوقات العافية، أو في مراحل العمل الجاد، فإنك لا تكاد ترى للرجل صفر نشاطا ولا تعرف عنه جدا،فإذا ما وقعت مصيبة أو وقعت فتنة أو كان الخلاف، رأيته وأصحابه ينشطون وحول الحرص على الدعوة يتحدثون، وفي التخطيط ومعرفة العمل هم يلهجون، وفي الناس يصنفون ويقسمون
الجهل والغفلة:
إذا ضاع الهدف من الإنسان.
إذا فأول أسباب السلبية ودنو الهمة هو ضياع الهدف، أو الجهل في الغاية التي من أجلها خُلق
صحبة ذوو العزائم الواهنة والهمم الدنيئة:
وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيرا، فالإنسان سريع التأثر بمن حوله، ولهذا كان التوجيه النبوي (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)
التردد والتذبذب الحيرة والارتياب:
هذا السبب جعل كثيرا من الناس سلبيا، وجعل كثيرا من الناس صفرا، فهو لا يدري من يرضي ولا يدري من يتبع، ولقلة علمه وضعفه أصبح الريشة في مهب الريح
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة…….فإن فساد الرأي أن تتردد
أما علاج هذه الأمراص فيلخصها المحاضر في النقاط التالية
وضوح الهدف والغاية والمبدأ
الخوف من الله
مصاحبة أصحاب الهمم العالية
النظر في سير المجتهدين.
التنافس على الخيرات.
فتش عن ما وراء الأكمة.
أي ربما كانت هناك أسباب أخرى خفية لسلبية بعض الناس، فربما كان فلانا شابا قويا جلدا نشيطا، صاحب مواهب وابتكارات لكنه صفر، لماذا؟ بسبب سوء التخطيط أو سوء التوجيه، فليتنبه لذلك المربون والموجهون، فقد يكون سببا رئيسيا في سلبية كثير من تلاميذه ومن تحت أيديهم.
نعم أيها الأخوة في الله فوصيتي لنفسي ولكل مسلم ومسلمة يؤمن بالله واليوم الآخر أن لا تضيع عليه ساعات عمره إلا بنفع وفائدة، فأنت والله مسؤول أمام الله عز وجل أن تعمل ما بوسعك وأن لا تحتقر نفسك، إن تلك المرأة السوداء استطاعت أن تكسب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستطاعت أن تجعل التاريخ يسجل اسمها
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
مختصر من محاضرة فضيلة الشيخ إبراهيم لدويّش (بتصرف)