مراهقة الشباب ومراهقة الشيخوخة
* إعداد: محمد رفعت
هما مرحلتان هامتان في حياة الرجل الجنسية وفي حياة المرأة أيضاً. تحدث
فيهما تغيرات ومظاهر وعلامات يجب أن تكون محل إهتمام الجنسين حتى لا تترك
أيّة آثار ضارة عليهما. وحتى يجتاز كل منهما الفترة الحرجة بسلام وأمان.
فما الذي يجب أن يعرفه الرجل وتعرفه المرأة عن مراهقة الشباب ومراهقة الشيخوخة؟ هذا هو كل شيء بالتفصيل.
من المعروف أنّ النمو الجنسي يمر بمراحل تعرف بمراحل التطور الجنسي وهي
تبدأ عند الطفولة، حتى تصل إلى السلوك الجنسي السوي بعد البلوغ. وعند
البلوغ، وهو ما يواكب مرحلة المراهقة، لا يكون النمو الجنسي قد وصل إلى
مرحلة السلوك الجنسي السوي بمعنى أن يكون هناك شعور بالميل نحو نفس الجنسي.
فالفتاة تكون معجبة بإحدى مدرساتها والشاب قد يكون معجباً بأحد أساتذته،
وهذا الشعور بالميل نحو نفس الجنس لا يرتبط بالضرورة بالرغبة الجنسية
ولكنه في بعض الحالات قد يرتبط برغبة جنسية وهنا قد يحدث الشذوذ الجنسي.
ولهذه الظاهرة عوامل سيكولوجية عديدة منها ما هو مرتبط بنوع الحياة
العائلية والإنسجام العائلي بين الوالدين بعضهما البعض وبين الوالدين من
ناحية والأبناء من ناحية أخرى. وقد تكون هذه العوامل النفسية سطحية يمكن
التغلب عليها، وقد تكون أكثر عمقاً يصعب التغلب عليها.
ولا تقتصر هذه المرحلة على النمو الجنسي فقط ولكنها ترتبط بتغيرات جذرية في
التكوين الجسماني والعاطفي والسلوك الإجتماعي، إذ أنها تمثل مرحلة
الإنتقال من الطفولة إلى الرجولة أو الأمومة وفي هذه المرحلة يشعر الشاب
بالإعتداد بنفسه والتمسك برأيه معتقداً أنّه وحده دائماً على صواب وأن كل
ما يخالف رأيه غير صحيح. ومن هنا تأتي أهمية التفاهم بين الأبوين والأبناء
بمعنى أنّه لا ينبغي أن تُسفه آراء الشباب
بل تُلتمس لهم الأعذار وأن يؤخذ في الإعتبار ما في نفسه من تغيرات جذرية
وإنعكاسات على تصرفاته وأفكاره. وفي نهاية هذه المرحلة ينشأ التفكير
والميل نحو الجنس الآخر ويكون في صورة رغبة جنسية.
أمّا الفتاة فإنها تبدأ بالشعور بتغيرات عميقة بداخلها لا تدري كنهها،
وتبدأ في الإهتمام بمظهرها ولكنها تكون أكثر إرتباطاً بالألم في هذه
المرحلة. بل أنها تشعر بحاجة أكبر إليها في هذه المرحلة، بعكس الشاب الذي
ينشد الإستقلال في المرحلة نفسها. أمّا التطور الجنسي لدى الفتاة في هذه
المرحلة فينصب أساساً على شعورها برغبتها في أن تثير إعجاب الآخرين دون أن
يكون مرتبطاً بالرغبة الجنسية بمفهومها عند الشباب
بل كل همها أن تكون محل إعجاب أكبر عدد من الناس، وهي حين تستجيب أو
ترضخ للرغبة الجنسية عند الشاب لا يكون الدافع عندها الرغبة الجنسية بقدر
ما يكون الدافع هو الإحتفاظ بمن يبدي إعجابه بها ويقدّر جمالها. وتفسير
هذا الإختلاف بين الشاب والشابة هو أنّ العملية الجنسية تكون غاية عند
الشاب ولكنها وسيلة عند الفتاة وتوضيحاً لهذا نقول إنّ الدافع الكامن
للجنس عند الشاب هو قضاء الرغبة الجنسية التي تنتهي بالقذف. أمّا في
الأنثى فإنّ الإتصال الجنسي يكون وسيلة لمراحل أو لتغيرات عديدة عندها
تبدأ بالحمل وتنتهي بالأمومة. ولذلك فإن تفكير الشاب ينصب أساساً على
الجنس الآخر ولكنه قد يوصل إلى الشعور بالرغبة الجنسية وهذا قد يؤدي إما
إلى التورط الجنسي في مفهوم الشباب
أو الإنزلاق إلى مزاولة العادة السرية. والجدير بالذكر أنّ العلاقات في
هذه المرحلة من مراحل التطوّر الجنسي هي حرجة إذ أن إندفاع الشاب
للإستجابة لرغبته الجنسية قد يؤدي إلى تورطه في علاقات جنسية غير سوية أو
إرتباطات جنسية عاطفية غير مؤهلة لتحويلها إلى إرتباطات عائلية ومن هنا
فقد ينساق لشاب إلى الإدمان على مزاولة العادة السرية.
ومن الجدير بالذكر أنّ العلاقات الجنسية في هذه المرحلة لا تكون ناجحة
بالنسبة للطرفين فتأجج الرغبة الجنسية عند الشاب يكون مرتبطاً بسرعة القذف
علاوة على ما قد يسببه الشعور بالذنب أو بالخوف من مضاعفات مزاولة الجنس
غير الشرعي مثل حدوث الحمل أو العدوى من بعض الأمراض أو الشعور بالرهبة.
وهذا يؤدي إلى سرعة القذف وأحياناً إلى عدم الإنتصاب كلية. ويبدأ القلق على
القدرة الجنسية ويأخذ الشاب في اختبار قدرته الجنسية مع أخريات ولكن
النتيجة المحتمة لكل هذه الإختبارات هي الفشل. ومن هنا ينشأ الإعتقاد عند
الشاب بأنّه يعاني من ضعف جنسي ولن يستطيع أن يفلت من هذا الإعتقاد إلا بعد
الزواج.
أمّا بالنسبة للفتاة فإنها تعلم جيِّداً أنّ هذه العلاقات الجنسية قد تؤدي
إلى مضاعفات تحطم مستقبلها كله كفقدان عذريتها أو حدوث حمل وهذا يجعل
الإستجابة الجنسية عندها غير طبيعية وهذا عامل آخر ضمن عوامل خشية الشاب من
الإتصال الجنسي.
أمّا مرحلة الشيخوخة
فإنها تمر بصورة عادية عند معظم الناس ولكنها عند نسبة غير ضئيلة قد
تأخذ صورة المراهقة. بمعنى أن ينتاب الرجل في هذه المرحلة القلق على قدرته
الجنسية عندما تصبح متابعدة بين كل مرّة وأخرى. ومن المعروف أنّ الرغبة
الجنسية تقل بعد سن الخمسين ولكن القدرة الجنسية قد تستمر إلى ما بعد
السبعين بمعنى أنّ مرات مزاولة الجنس تكون قليلة والإتصال الجنسي قد لا
يكون ناجحاً في هذه المرحلة. وأي رجل يحترم رغبته الجنسية لا يشعر بالضعف
الجنسي إذا ما حاول تجاوز إحتياجات جسمه الجنسية. وهنا قد يأخذ البعض في
التفكير في تجديد شبابه معتقداً أن زوجته لم تعد تثيره كما كانت وأنها
مسؤولة عن ضعف الرغبة الجنسية، وهنا قد يأخذ هذا البعض في التفكير بالذي
طرأ عليه ويفكر في الإرتباط بشابة أو فتاة.
ويجب أن نحذر أنّه هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من تضخم البروستاتا، وهذا
المرض الذي يظهر بعد سن الخمسين قد يشعر المريض برغبة في الجنس لا تتناسب
مع سنه ولكنها رغبة دون قدرته. وهذه يمكن إكتشافها بسهولة بمعنى أن تصبح
الرغبة الجنسية أكثر مما ما هو مألوف لهذه السن، أو أن تظهر رغبة جنسية
شديدة بعد أن كانت عادية. إذ أن هذا التغير بعني أنّ الرغبة غير صحيحة.
وطبيعي أنّ هذا الرجل سيفشل في إشباع الطرف الآخر. وهذا يجرنا إلى الحديث
عن الزواج بين الكهل والفتاة أو بين الشاب والمرأة العجوز. وهذا الموضوع ظل
بين مؤيد ومعارض فترة طويلة ولكننا نعارضه بشدة. فالرجل الذي يكبر زوجته
بسنوات عديدة يظل واقعاً تحت تأثير الشك بأن زوجته على علاقة بمن هو أصغر
منه أو على الأقل بمن هو أصغر منها أو تتمنّى لو كانت مقترنة بمن هو أصغر
منه. وهذا يفرض نجاحه في المعاشرة الجنسية. علاوة على أنّ الجنس يمثل
جانباً واحداً من جوانب العلاقات الزوجية المتعددة. فالخلاف في العاطفة وفي
السلوك الإجتماعي بين الاثنين يؤدي إلى توتر العلاقات بينهما بدرجة لا
ينجح معها الإتصال الجنسي مهما كان مشبعاً في التغلب على النفور أو حتى
التقريب بينهما. وأما الشاب الذي يتزوج بإمرأة عجوز فسرعان ما ينتابه
الشعور بأنّ هذه المرأة استحوذت على نفسها. ومن ناحية أخرى فإن إرتباط هذه
المرأة العجوز بالشاب يرضي غرورها إذ أنها تستحوذ على شاب تطمع فيه من هنّ
أصغر منها سناً أمّا الفتاة التي ترضى بالزواج بمن هو أكبر منها فإنها
تعتقد خطأ أن رشده العقلي وإستقراره الإجتماعي سيكفلان لها الأمان ولكن
سرعان ما تكتشف أنها مهضومة الحق وأنّها أقل حظاً من مثيلاتها، إذ أنها لم
تتزوج شاباً يقدر عاطفتها ورغباتها وأفكاره تتناسب مع أفكارها.