الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم اما بعد
فأنا أكتب هذا الموضوع بعدما راعني و هالني كل ما يقال عن أن اللغة العربية
هي أصعب أو من أصعب اللغات فى تعلمها وإتقانها وهذا القول من ابنائها
المتحدثين بها فالتقط الآخرون هذا القول وروجوا له حتي أضحي للجميع بمثابة
الحقيقة التي لا مراء فيها ولا يختلف حولها متحدثان
وقد ساهم فى هذا المفهوم الخاطئ تعاون غير مدفوع الأجر من المتخصصين فى
علوم اللغة العربية بأقسامها المختلفة فقد روجوا لصعوبة اللغة وصعوبة
تعلمها ظنا منهم أن هذا الاعتقاد حول صعوبة الشئ يجعل العالم به ذو مكانة وهيبة وإجلال من الآخرين
ولكن كان نتيجة هذا القول الباطل أن زهد الناس وعزفوا عن دراسة اللغة
العربية وهجروها تعلما وتحدثا وأحيانا كتابة إلى غيرها من اللغات فظهرت
البدع اللغوية من أمثال كتابة العربية بالحروف الأجنبية فيما يسمي (
بالفرانكوآراب ) وانتشار الكلمات الغير العربية والكلمات العامية فى لغات
الكتبة وما زاد الطين بلة ما يعرف بالشعر النبطي والعامي وغيره أكثر مثل (
الشعر الحلمنتيشي ) وعذرا لاستخدام هذه الألفاظ ولكنها امور ملموسة
وواقعية وغض الطرف عنها من باب دس الرؤوس فى الرمال وإنكار الواقع وهو ما
تأباه الأنفس العالية فخير لنا ان نواجه الخطأ من ان ننكر وجوده
وانا أرى أن هذا الذي حدث ويحدث ونروج له ما هو إلا جريمة عظمي فى حق لغتنا وفى حق هويتنا
ولننظر بعين فاحصة لما يبذله الآخرون من أجل تذليل الصعوبات أمام تدارس
وتعليم اللغات الخاصة بهم وهو ما أرى اننا بعيدون كل البعد عنه ومن امثلة
ذلك
1- عقد الدورات المختلفة بمسميات مختلفة لتعليم اللغات وتقسيمها إلى
مستويات وهو ما لا أرى نظير له بنفس النسق والنظام فى اللغة العربية
2- إنتاج اسطوانات تعليمية على الحاسب الآلى لتعليم اللغة نطقا وكتابة ومن
اجل التدريب السمعي ليس على اللغة فقط بل على اللهجات المختلفة من اللغة
3- الغيرة الشديدة على اللغة من اهلها ونقلها بما يشبه العدوي لغير أهلها
فمثلا إذا أخطأ احدنا فنطق كلمة إنجليزية بطريقة خاطئة تجد منا من يسرع
ليصحح له خطاه الجسيم ومبينا له الصحيح من الخطأ وقد يتمادى فى إظهار علمه
بفنون لغة لا تمت إليه بأي صلة ( قارن هذا بما يحدث إن كان الخطأ من اجنبي
نطق كلمة عربية بطريقة خطا)فكلنا نلتمس له العذر فهو أجنبي معذور (فضلا عن
الأخطاء الفجة التي تصدر من أهل اللغة أنفسهم - وانا منهم بلا شك - فى
لغتهم الأم)
4- عمل شهادات عالمية واختبارات عالمية وجعل اجتيازها بدرجات معينة شرطا
من شروط السفر لبلدان هذه اللغات بل وشرطا من شروط الحصول على شهادات
علمية فى مجالات تخصص لا تمت بصلة للغة المطلوب إتقانها
5- الترويج الشديد للغة عن طريق القول بانها لغات عالمية - لغة العلم الحديث - لا يمكن دراسة علوم معينة إلا بها
6- تقييم الجامعات عالميا وترتيبها بناءا على كمية الأبحاث المنشورة لها فى دوريات تصدر بلغات معينة
7- الدعم السياسي اللانهائي للغة ومن امثلته
ا- الاحتلال الاجنبي لبلدان أخرى وطمس الهوية اللغوية الوثقافية بهذه البلدان ( وهذا معروف ومشهود واوضح من أن اسعي لبيانه)
ب- حذر استخدام لغة أخرى فى لافتات المحال التجارية ووصل الأمر
لإستصدار قوانين تجرم من يفعل هذا الأمر وأوضح الامثلة على هذا القوانين
الفرنسية لحماية لغتها ومنع تعليق لافتات المحال التجارية بلغة غير
الفرنسية وإن كان ولا بد فتكون الفرنسية فى أعلى اللافتة وبخط كبير وعريض
واللغة الأخرى بخط أصغر ولأسفل اللغة
ج- الدعم الحكومى من هذه الدول لتعلم لغاتها ونشرها حول العالم من
خلال انشاء الجامعات الخاصة بها فى بلدان مختلفة مثل الجامعة الأمريكية
والجامعة الألمانية فى مصر وغيرها من البلدان وكانشاء رابطة الدول
الفرنكفونية وجامع سنجور للدول الناطقة بالفرنسية ولها مقر بالإسكندرية فى
مصر وغير ذلك من مظاهر الأحتفاءو الحرص المبالغ فيه على نشر هذه اللغات
ولكن أغرب واعجب الأمور فى كل ما سبق وهو وعلى الرغم من ان اللغة العربية
لم تحظي بمثل هذا الدعم ولا بشئ منه على الإطلاق إلا انها لا تزال اللغة
الأكثر انتشارا على مستوي العالم بفضل الإسلام فهي تعتبر ثاني لغة على
مستوي العالم من حيث المتحدثين بها وعددهم تجاوز خمسمائة مليون نسمة منهم
300 مليون عربي صرف و 200 مليون من متعلميها من غير العرب نتيجة دخولهم فى
الإسلام
هذا بالإضافة لآخرين تعلموا العربية لأغراض اخرى مثل العمل فى الدول
العربية أو دراسة الشئون العربية أو المراسلات العربية لوكالات أجنبية وغير
ذلك فأضحت لغة عالمية عظمي رغم عدم الدعم الميسر لها من ذويها قبل أعاديها
لنا عودة لتبيان أن اللغة العربية علميا وبكل المقاييس أسهل لغة فى العالم من حيث قدرة الآخرين على إتقانها
والمطالبة بوضع مناهج علمية وإقامة دورات على مستوى العالم لتعليم التحدث باللغة العربية ووضع امتحانات مختلفة لها
والله من وراء القصد
منقول