هوى النفس..
تحدث د. عمر عن الهوى وقال أن الله عز وجل ما ذكر الهوى فى موضع من كتابه إلا ذمه..
وسمى الهوى بهذا الإسم لأنه يهوى بصاحبه..
إن العبد لم يخلق للهوى، وإنما خلق لمهمة كبيرة..
قد يكون الهوى عائقا وحاجزا بينه وبين ما خلق من أجله..
والقرآن الكريم فى غير موضع يذم الهوى:
(وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ{الأعراف/176})
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ{الجاثية/23})
(أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ{الكهف/28})
(وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ{ص/26})
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغى فى بطونكم ومضلات الهوى.."
وقال مالك بن دينار: "بئس العبد عبد همه هواه وبطنه.."
وكان الصديق رضى الله عنه يردد:
"إنى بليت بأربع ماسلطوا إلا لجلب مشقتى وعنائى:
إبليس.. والدنيا.. ونفسى.. والهوى..
كيف الخلاص وكلهم أعدائى..؟!"
وقال على بن سهل: "العقل والهوى يتنازعان:
فمعين العقل التوفيق.. وقرين الهوى الخذلان.."
ولكن الشرع الحنيف وضع حلولا شافية لهوى النفس،
فيقول رسولنا الكريم:
"الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت..
والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله.."
والمؤمن الحق قوام على نفسه.. دائم الحساب ومراجعة النفس..
حتى يفيق من سكرة الهوى..
ومما يعالج هوى النفس ليكون موافقا لشرع الله: الصبر والتصبر..
ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
"ماأعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر.."
لأن الإنسان اذا ظل متبعا للهوى فيصدأ قلبه..
وكان يحيى بن معاذ يقول:
"سقم الجسد بالأوجاع.. وسقم القلوب بالذنوب..
فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقم،
فكذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب.."
ولذلك كان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لنا بغض النظر..
ومن قبل القرآن الكريم:
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ{النور/30})
كى يغلق باب الهوى من البداية..
فإن النظر سهم من سهام ابليس..
وأفضل ما يضبط أعمال المسلم:
أن يزن أفكاره وآراءه وأقواله وأفعاله بميزان الكتاب والسنة..
لابرأيه ولابرأى غيره..
وقال الشاعر العربى:
عاتبت قلبى لما رأيت جسمى نحيلا
فألزم القلب طرفى وقال : كنت الرسولا
فقال طرفى لقلبى بل أنت كنت الوكيلا
فقلت: كفوا جميعا تركتمانى قتيلا
فلو غلب المسلم جانب الشرع على جانب الهوى والطبع،
سعد دنيا وأخرى.. وأسعد غيره..
وإن كانت الأخرى، فنسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، وأن يجنبنا الهوى..
هو ولى ذلك والقادر عليه..
*مقالة لفضيلة الدكتور عمر عبد الكافي..